لا أظنني أساوي شيئا بدونهاّ


سأنزع الآن نظارة الأمل عن عيني و أضعها قريبا، سأكون واقعية ، سأكون عادية ، سأصف المشاعر الأخرى و أناقض نفسي بنفسي ، فيما رأيته اليوم من قسمات على وجه هذه المدينة !
غزة !
طالما أعلنت حبّك في السر و في العلن ، فمالي أراك تناكرينني ؟
طالما أعلنت انتمائي في العلم وفي العمل ، فما لي أراك تطمسينني ؟
جعلت من مشروعك مشروعي ، واتخذتك لأحلامي مهداً ، فمالي أراك تنثرينها هباءً !!
أترى أحلامنا المتساقطة كل يوم تنعشك ؟
 أم تراك أنت ذلك العاشق الذي يضم حبيبه في أحضانه حتى يهشم عظامه ؟
إلى متى سأتدثر بالأمل خوفا على نفسي من الضياع كما ضاع الجميع هنا ؟
قرأتُ اليوم كلّ شيءٍ .. قرأت حجابي المجعد الذي لم أجد الكهرباء لكيّه  ..
قرأت قسمات وجهي على زجاج السيارات المارة .. بينما لا أجد سيارة تقلني ..
قرأت شرطي المرور يذوب في شمس ظهرك ..
قرأت الضجر والشتائم والسباب  .. على ألسنة السائقين وسط الزحام ..
قرأتهم و هم يهزؤون بعملهم الذي لم يعد منه مكسبا بعد نفاذ الوقود و غلاء وقود العدو ..
ذلك الوقود الذي يحترق وتحترق معه آخر قطرة عرق على جبين السائقين ..
قرأت طوابير البشر تنتظر على رصيف الانتظار ..
قرأت أمنيات شبابك بهجرك
قرأت جهودهم وطموحهم في مهب ريحك التي تقذف بها إلى بحرك
قرأت القهر و الحرمان على ملامح الشيب و الشبان ..
وقد استحالت ضرائب و حصار و انقسام و هوان ، و لا كهرباء ولا عمل ولا طفولة ولا "أمان"!!!
  قرأت وجوها تثاقلت حواجبها ، وارتسم على جبينها ألف ومئة و أحد عشر ثلاثية الأبعاد ،
وأفواها هناك تتمتم بالرحيل ، لم يبتسم أمام ناظري سوى طفلٍ  صغير، استرق ابتسامته خجلا حين ابتسمت له في شارعنا ، و قرأتُ رغد العيش حين استحممت بماء بارد أرعش أطرافي ثم انقطع فلا كهرباء لرفعه ولا كهرباء لتدفئته !
غزة!
أتراكِ تهزئين بنا ؟؟
أم أننا نهزأ بأنفسنا التي تتغنى بالصمود !
الصمود ...
حين خلعت نظارة الأمل رأيته وجهاً آخرَ للاستسلام أو ما يسمى بـ"البلادة الاضطرارية" ..
إلى متى ؟
هل الصمود هو الرباط ؟
أم أننا نحتاج إلى ثورة نتقاتل فيها على المناصب ونحكم على الكثيرين بالإعدام و نغرق فيها بالدماء؟
غزة ليست بلدا عاديا ... غزة مؤامرة !!!
و الآن سأردّ نظارة الأمل إلى عيني ..
فغزة هي قلب ثورة العالم ..

غزة ستعلم  العالم أجمع المعنى الحقيقي للسلام ..

لا أظنني أساوي شيئا بدونهاّ .... إنها نظارتي !

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.