حين أصبحت التنمية البشرية مهنة من لا مهنة له

أنا لا أذكر حين كنت في المدرسة -رغم تميزي- يوما تعلّمت شيئا عن هدفي قصير او طويل المدى
أو بصمتي في الحياة أو خطتي الاستراتيجية  ، أو خطتي الشهرية ، أو تحليل سوات  أو التقييم الذاتي أو ...إلخ
و وددت لو أنني تعلمت  مبادئ حياة الإنسان المسلم الناجح صاحب البصمة و ليس المسلم فقط،
أظنني لو كنت أعرف لقطعت أكثر من نصف طريقي الآن ، و لما تخبطتُ في اختيار تخصصي الجامعي !
لا أخجل من ذلك فهذا ما يحدث مع معظمنا ، ليس لشيء ولكن إنه الجهل !
و حين التقت التنمية البشرية في عقلي مع القرآن شكلت اول منعطف في حياتي ،
اتخذت حياتي رداءآ متوازنا عمليا أنيقآ.

لأجل ذلك أنا لا أنكر فضل بعض المدربين الكبير و فضل هذا العلم على شخصي و لكن :

التنمية البشرية أسس علمية و توجيهات يمكن معرفتها من كتاب "أجنبي" واحد ،
و لا داعي لعشرات من الساعات التدريبية الجوفاء،
 ولا داعي لمئات الكتب في الرف بعناوين أيضا و مع الأسف أصبحت جوفاء،
و لا داعي لاستشارة أي ممن يدعون أنهم خبراء في التنمية ،
بعد أن أصبح بعضهم يجمعون السذاجات بين دفتي كتاب و يسمونه "فجّر ...." ،
 "كيف تكسب...." ، "حتى تكون...." ...إلخ
بعد انتشاردورات تأهيل المدربين المزيفة، و التي بدورها أنتجة باقة من المدربين المزيفين ،
و الكتب المزيفة ، و الكلام الفارغ تحت مسمى "التنمية البشرية" بهدف "التجارة"


أظنك حين تعلم أنني قد أنهيت تسعمئة ساعة تدريبية ثلثها كانت في مجال التنمية البشرية،
 تماما تعلمت فيها كيف أحكم على التدريب الناجح من غيره ،
و المدرب المستهتر من غيره ، لا بد أن تصدقني !
و من ذلك في بداية طريقي في التدريب ،
أذكر إحدى الدورات التي وجدت في محاورها انها ستكسبني مهارات جديدة احتاجها
و مع مدرّب له ضجة إعلامية ، و آخر قادم من بلد أخرى !
و كانت 80 ساعة تدريبية حصلنا منها على 30 ساعة و استفدنا منها من 5ساعات
و حصلنا بعدها على 14 شهادة !!!
و أيّ سخريةٍ هذه؟

و الخلاصة من تجربتي :

 * "كتاب ستيفن كوفي:العادات السبع لأكثر الناس فعالية"                                              
 هو دراسة لما يقارب مئة شخص ناجح فعال في مجتمعه منهم رسولنا محمد صلى الله عليه    
و سلم على طبق من ذهب و قراءته ممتعة جدا ، رغم وجود التلخيصات المنوعة على الانترنت .
* و لمزيد من التنظيم خصوصا في القدرات الذهنية و الأمور الحياتية                              
   عليك بكتاب "خرائط العقل لتوني بوزن" و هو أكثر من رائع ،                                    
   أما لتنمية مهارات الاتصال و التواصل فأنصح بكتاب "استمتع بحياتك "ل د.محمد العريفي ،
* و إذا احتجت دافعا أو أملا و تفاؤلآ فعليك بكتاب "لا تحزن" لد.عائض القرني .                  
* أما لبناء سيرتك الذاتية ، فلا بأس من بعض الدورات التي ستعطيك "مهارة" وليس إنشاءآ !   

بعد تجاربي ، لم تعد تشدني أي عناوين براقة في مجال التنمية ، و لم يعد لدي اعتبار لكلمة "مدرب"
 كما كان من قبل إلا بعد أن أحكم عليه شخصيا إذا كان يستحق هذا اللقب،
 و السبب هو من جعلوا التنمية البشرية مهنة كل من لا مهنة له، فشرعوا استخفافاً بالشباب،
وسخريةً من عقولهم ، أتمنى أن تضيف الجامعات متطلبا جامعيا وافيا كافيا في هذا الموضوع ،
 و أن تُطَعّم كتب المدارس بشيء تدريجي من هذا  العلم ،
على الأقل حتى ينتهي الطالب من الثانوية العامة و هو يعلم تخصصه !

نقطة و سطر جديد.

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.