أين كنتم قبل أن يرحل؟

لقد  توقف قلبه ... و لم يعد أي أشارة فيه تدل على حياة!
 لربما في حادث سير... أو لربما ضحية رصاصة طائشة !
 لا يهم  ... ما أدركه الآن أنه رحَل !
و بعدَهَا ...
بدأت عبارات الثناء تنهال عن محاسنه ، بين أهله و صحبه  كلما ذكروه   ...
و بدأت وفود "البوستات" على صفحته الشخصية على "فيسبوك" ،
هذا يرثي و هذا يذكر ما أحسنه ، و ذاك يشكر في أدبه و خلُقِه الرفيع ،
فتشاركها وفود من التعليقات مؤكدة على  إبداعه و كيانه الرآآقي ...!

و لكن ... ما أعرفه عن الشاب ، أنه رغم كل تلك المحاسن ،
فقد كان يتمنى رحيله قبل الرحيل ... لحزنٍ ألمّ به ، أو لرياح يأس عصفت به !
لم يكن يجد متكأٌ أو سنداُ ، أو حتى كلمة تساعده في النهوض !
و اليوم وقد فقدوا برحيله بطل الحكاية ... نطقت ألسنتهم !!!
صرختُ في وجوههم ... إذا كنتم تعلمون كل هذا من إشراق في حياته ...
فهل أخبرتموه قبل أن يرحل ؟؟؟ هل عززتم ثقته و حبه لنفسه كي لا يرحل حزينا !!
هل تمنيتم  نجاحه حقا في حياته فدعمتموه أو أخذتم بيده ؟؟؟  و هل  وجهتموه حيث نقاط قوته ؟!

نظر بعضهم في بعض و قالوا بألمٍ شديد و ندم ، و بعد دقيقة صمتٍ أجابوا : لقد رحل فجأة ...  !!!
تركتهم و قد ضج في قلبي صراخ "و هل ظننتم إلا أن الموت يأتينا فجأة !"

بطلُ الحكاية كان بينهم ، و هم الآن يبكونه و يمدحونه ،
حرموه من الثناء في حياته إلا قليييل منهم ، و قد كان في أمس الحاجة إليها ،
 فهل ترى مدحهم الآن سيشفي جراحه بعد أن تخللها التراب !
و هل نقاط قوته التي يتحدثون الآن عنها ستحفزه لأن يقوم من قبره عائداً إلى الحياة !
لقد رحل دون أن يخبروه ...

كلنا سنموت فجأة !!!
السعادة أن تؤمن بأثر الكلمة الطيبة ، و الأخذ بيد الغير !
إن كنت تعرف نقاط قوتهم فأخبرهم ... لربما هم لم يجدوها حتى الآن ...
و يحتاجون إلى هذه الماسة لترشدهم طريقهم ، لربما هم أموات في أجساد حية الآن !
أم إننا لن نصدق وفاتهم بدون أن نرى الشواهد على قبورهم ...


لماذا تسكن قلوبنا الأنانية ؟؟؟  نخاف أن نقدر الإنسان حق قدره ؟
نصمت بينما تقرأ قلوبنا قوة أحدهم بغيرة و حسد ! 
نخاف أن  يتفوق علينا  الناس و لا نريد أن نتعب في المنافسة  ،
 نخاف أن نرفعهم ، أو نعترف بكينونتهم ، فننهزم أمامهم ...
و هذا هو عين الانهزام !!
لقد أعطانا ربنا كما أعطاهم ، فلماذا لا نقرّ بتميزنا و تميزهم !!
ولماذا لا نفرح بعطاء الله لهم كما نفرح بعطائه لنا ؟؟

 اليوم و قد مات بدأ كلّ يعزف موسيقاه الحزينة ، على نجم رحل ...
لماذا لم نعزف ألحان الأمل على القلوب قبل أن تتوقف عن النبض  ؟؟

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.